أحدث الأخبار الثقافية
الاثنين، 15 أغسطس 2011
سماوي(وزير الثقافة الأردنى): نوازن بين كبرياء الإبداع ومقدّرات الدعم
Do you like this story?
سماوي(وزير الثقافة الأردنى): نوازن بين كبرياء الإبداع ومقدّرات الدعم
جريدة الرأى الأردنية : حاوره: إبراهيم السواعير- 15/8/2011
وزير الثقافة يعاين المشروع بين المؤسسية والارتجال
المؤسسية مطلب الدولة الأردنية وغاية الفكر الإداري
المراكز الثقافية مصادر إشعاع فكري..بتوجيهات الملك
نهتم بالمثقف مقدّماً الخدمة.. لا متقصداً الدعم. المشروع الثقافي منذ2006 أصبح واعياً مغايراً..مدروساً
نؤسس لثقافة الفرح والتشارك.. لا التوتر والتشنج
نعوّد بلداتنا ثقافياً ربط المنتج الزراعي بالفلكلوري. المبدع روح غجرية..لا تصنعها الأكاديميات أو الوزارات
نريد ترجمة أعمالنا الثقافية للعالم.. وليس لنا
«الأعلى للشباب» و«الثقافة»..جناحان يحلّق بهما الوطن
لا خبرة للمبدع في «المال».. ونحن حريصون عليه
نحن مقصرون إعلامياً.. مع اهتمامنا بالمواكبة
مهتمون بالسلوك المتحفي.. والمظلة الواحدة للمتاحف
«الوثيقة الوطنية» مشروع نطلقه قريباً
ورشة ثقافية مع الجسم الثقافي.. وخطة استراتيجية
بلد عريق المؤسسية مثل مصر.. استوحى مدينة الثقافة لدينا
يؤكد وزير الثقافة جريس سماوي على رؤيته التي انطلق منها أميناً عاماً للوزارة قبل ستّ سنواتٍ، من أنها (إما أن تكون مؤسسية، أو نظلّ مكاننا نتوهّم الإنجاز!)،.. و(المؤسسية)، مطلبُ الدولة الأردنية، وغاية الفكر الإداري، مفهومٌ أخذ بُعْدَه الواثق في الدولة الأردنية، كما أنّ احترام التخصصية والمقدرة بات يزحف، بل يضيّق مساحة الامتياز الذي وصل في أحيان كثيرة في مؤسساتنا حدّ الاحتكار. وفي المفهوم الاقتصادي، فإنّ المنافسة مبررة بمعلومية الظروف، مثلما هو الاحتكار لم ينشأ من فراغ.
ينطلق سماوي من أنّ (المؤسسية) التي بُنيت عليها الدولة الأردنية منذ عهد الإمارة، ما تزال تقطع شوطها، غير هيّابةٍ، مؤمناً وفريق من المثقفين بجدوى تقعيد عمل الوزارة، والاحتكام في أعمالها ومشروعاتها المتوسّعة إلى منطقها المؤسسي، الذي يمنع أيّ ضيمٍ يلحق بالمثقف، ويضع الأمور في نصابها، بل يضيّع على أصحاب الامتيازات العالية فرص التغوّل؛ مستفيداً من البنية التحتية التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني في الشفافية والمكاشفة وتداول منطق الأمور.
اليوم، بعد السنوات السّت، التي اختمر فيها ضيف (الرأي) سماوي تفصيلات الوزارة بمشروعاتها الكبرى وأعمالها اليومية واجتهاداتها وجملة المقايسات، نحاور الوزير صاحب الخلطة الثقافية التي قام عليها بالصفتين: المبدعة شاعراً، والإدارية أميناً عاماً للثقافة، ومديراً سابقاً لمهرجان جرش، ومبدعاً اشتغل في التلفزيون الأردني في برامجه الثقافية، يتوافر على تخصص الأدب الإنجليزي والفلسفة وفن الاتصالات الإعلامي في الولايات المتحدة والأردن، علاوة على خبرته في الترجمة، وكونه عضواً في رابطة الكتاب الأردنيين.وتالياً الحوار:
•هل تشعر أنك أضفت إلى الوزارة مفهوم (المؤسساتية)؟!.. بمعنى هل آمن الوسط الثقافي بعمومه بقيمة المشروع المحكك المرشّق المحكّم، أم أن الواسطة والعزوة والتوصيات هي أكبر من فكرة احترام التخصصية والمقدرة؟!.. خصوصاً وأنكم تتعاملون مع وسط متباين المعرفة والسلوك الثقافي وآلية حمل المشروع.
هذه قضيّة مهمّة، تستحق أن توضع على طاولة كل المثقفين والعاملين والفاعلين أفراداً ومؤسسات، والفترة التي تسلمت فيها موقعي أميناً عاماً للوزارة وقبلها في إدارة المهرجان وفي التلفزيون الأردني، تداولتُ ونفر من المثقفين هذا المفهوم، واستطعنا أن نحققه، ليس لدرجة الاكتمال بطبيعة الحال، لأن هذا المُنجز مرتبطٌ بتشريعات ذات صلة بالتشريعات الثقافية، والسلوك الثقافي الذي يؤمن بمعنى المؤسسة.
دعني أقل إنّ دولتنا، والحمد لله، هي دولة مؤسسات، ومنذ نشوئها أنجزت، باحترام عالٍ من المحيطين والمهتمين والباحثين، المؤسسة على أكثر من صعيد: العسكري والأمني، والتعليمي، والصحي، وفي مجالات كثيرة، وعلى مستوى الدعم اللوجستي في المدن والقرى، وكلّ ذلك حقق بنية الدولة الحديثة، دولة المجتمع المدني، والثقافة هي جزءٌ من هذه البنية.
أعترف لك، بأنّ هذه القطاعات التي ذكرتها تحققت فيها المؤسسية بشكل ملحوظ، على الصعيد المهني، أكثر من درجة تحققها في الثقافة، وهذا يعود، ربما، إلى عوامل معينة، ولكننا الآن قد وضعنا أقدامنا، نحن في الوسط الثقافي، على الطريق الصحيح، فأنجزنا في سنوات قليلة، ومنذ تسلّم جلالة الملك سلطاته الدستورية، ما نؤسس عليه، خصوصاً وهذا الوسط ينعم بمكرمات جلالة الملك الثقافية، في صندوق دعم الثقافة والدارة الثقافية والمراكز التي هي مصدر إشعاع وفكر وحراك في المحافظات، خذ على سبيل المثال مركز الملك عبدالله الثاني ومركز الأميرة سلمى للطفولة في الزرقاء، ومركز معان الثقافي الذي تتسلمه الوزارة قبل نهاية هذا العام، ومركز إربد الثقافي الذي ينتهي العمل به مطلع العام المقبل، وعلى الطريق مراكز ثقافية نشتغل على فكرتها في السلط والعقبة ومأدبا وعجلون، والقصد من ذلك، وفقاً لتوجيهات جلالة الملك، خلق بنية تحتية تسهم في التثقيف وتغيير السلوك إلى الثقافي الحضاري منه وتعميق فكر الشباب بالوعي والإبداع الثقافيينِ.
دعني أبشرك بمكرمة جلالة الملك في إنشاء دارة الملك عبدالله الثاني للثقافة والفنون، بما تضمّه من دار للأوبرا، ستكون إحدى الدارات الاستثنائية، إن لم تكن الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، هذه الدارة التي تقوم عليها أمانة عمان الكبرى، أتوقع لها أن تكون عالية المواصفات، رفيعة المستوى ترفع من المؤسسية التي تنشدها وتضيف إلى السمعة الحضارية التي يمتاز بها هذا البلد الكثير.
المقام لا يتسع لسرد مزايا المشروعات ذات الصبغة المؤسسية في الوزارة، فتناول معي مشروع مكتبة الأسرة، وأنتم، الإعلاميين، شاهدون على الإقبال الكبير على هذا المشروع بسبب من السعر الزهيد جداً الذي يباع به الكتاب في عناوين مختارة بدقة يقوم عليها متخصصون منذ تأسيس الفكرة التي نتشارك فيها مع القطاع الخاص والمؤسسات المعنية الأخرى من مثل أمانة عمان ومؤسسة عبد الحميد شومان والجامعات الأردنية. ثمّ أرجو أن تتناول معي، أيضاً، المشروع الضخم (مدينة الثقافة الأردنية)، الذي يشيع من الحراك الثقافي ما يشيع في أربع مدن معان خامسها.
يفرحني وزيراً للثقافة أن أقرأ في وسائل الإعلام والصحف المصرية أن بلداً عريق المؤسسية من مثل مصر يستوحي مشروع مدينة الثقافة عندنا، ليحتفل هذا العام بالسويس مدينة للثقافة المصرية، وهكذا تباعاً مثلما نحن نفعل. هذا مشروعٌ قائم بذاته له طاقمه داخل الوزارة ونتعاون فيه مع مثقفي المدينة قيد الاحتفال بالمناسبة.
أرجو أن تقيس معي على هذه المشاريع في نجاحها واستدامة أثرها مشاريع أخرى نتولاها من مثل مشروع مكتبة الطفل المتنقلة، وفي ذلك عينة على المفهوم الذي يستنطقه منظور السؤال.
نحن لا ندعي أنّ (المؤسسية)، صفةً، أنجزت بالمطلق، فهنالك ما هو آنيٌّ من النشاط، ومشاريع دعم المثقفين مثال على ذلك، وعلى مستجدات تعاملنا مع المثقفين والجمعيات والمنتديات الثقافية. هذه المشروعات ما تزال تحتفظ اليوم بصبغتها المؤسسية بالرغم من تعاقب أربعة وزراء منذ عام ألفين وستة حتى مجيئي.
•وهل تحققت هذه المؤسسية في أذهان المتعاملين مع الوزارة، في ظل اتخاذ الارتجالية والقفز عن اللوائح وتشغيل الواسطات خبرةً لدى مجربين؟!
نقيم في الوزارة علاقةً تشاركية مع هيئات المجتمع المدني، ولدينا ما يزيد عن 395 هيئة ثقافية مسجلة، عدا الهيئات الرديفة المسجلة في وزارات أخرى وتقدم الفعل الثقافي، ونرتبط بشراكة مع مؤسسات وطنية كما تعلم تمارس الفعل الثقافي وتتبنى أجندته بالشكل المؤسسيّ المدروس.
نحن شركاء في العمل الثقافي: معظم لجان الوزارة التي تشكل لأمور ثقافية أو للنظر في أمور ثقافية هي من خارج الوزارة، أما عضو الوزارة الوحيد فيها فيكون بصفته الرقابية أو الإدارية أو المالية، ولديك من الأمثلة ما هو حيّ وناطق: معان مدينة الثقافة الأردنية!.. من هم أعضاء لجانها العاملة؟!.. هم من خارج الوزارة ومن مثقفي المحافظة أو المدينة، وقس على هذا لجان النشر وتقييم المخطوطات والتفرغ الإبداعي وسواها الكثير.
بيننا وبين المثقفين والفنانين والمبدعين حوار، وقد عوّدناهم لغة حوار جيّدة، ودعني أشرح لك: كان المثقف بمجرد تقديمه استدعاءً من ستة أسطر أو عشرة يستطيع أن يحوز الدعم والموافقة على المشروع قيد الطلب، سواء كان في طباعة كتاب، أو في تنفيذ عمل مسرحي أو فيلمي أو توثيقي أو موسيقي، وهكذا. لكننا حين وضعنا أسساً ولوائح وتعليمات تنظّم وترشّق وتضع الأمور في نصابها الموضوعي، نفر هؤلاء المثقفون!.. بعد ذلك اعتادوا تقديم مرافعة مقنعة عن مشاريعهم. ونحن، في الواقع، نتوخى إقناع هذه المرافعة لكيلا نردّ على صاحب المشروع مشروعه، وما ذلك إلا من أجل تعويد إخواننا المثقفين كي يأخذوا بجدوى وأهمية ومسوّغات نجاح وقبول هذه المشاريع.
على المثقف أن يقنع بخطابه صاحب القرار. كنا نودّ من مثقفينا أن يتفهموا المؤسسية التي نستند في عملنا إليها!.. قلنا لهم إننا سنتعامل معكم كما تتعامل الجهات المانحة، كالاتحاد الأوروبي واليونسكو واليو إس أيد في قبول الطلب أو ردّه، وأرجو أن تشير إلى أنّ الوزارة لا تقدّم منحةً للمبدع، وإنما هي معنية بعمل رفيع المستوى ومكتمل المتطلبات هي بحاجة إليه مثلما هو الوطن محتاجٌ إليه.
نحن حين نثير في نفس المبدع هذا الفهم، فإنما نعزز لديه حالة (الكبرياء الإبداعيّة) والذات الإبداعية، حينها يصبح بدلاً من كونه طالباً للدعم أو المنحة مقدّماً للخدمة الثقافية عالماً بأثرها الكبير. وصدقني، حين يشعر المبدع بهذا فإنه ينتشي مقدماً إبداعه بشكل رفيع المستوى.
لم يقف الأمر عند هذا، بل بادرنا، وزارةً، فدربنا مثقفينا على كيفية تقديم مقترح المشروع أو ما اصطلح على تسميته(البروبوزال)، بما يتضمنه من دراسة الجدوى والكلفة المالية، وبهذا فإنّ صاحب المشروع، هيئةً كان أم فرداً، يدخل في حسبانه كلّ ذلك متوخياً تبيان الشرائح التي يخدمها أو تنال خير هذا المشروع.
ومع ذلك، فإن فئةً ما تزال تنفر من هذه المؤسسية، وعلى أية حال فإنّنا معنيون بإقناعها والتحاور معها، وإن لم تقتنع فالمرجعية هي تعليمات الوزارة وجملة اللوائح والقوانين.
•في وزارات معيّنة، كنتَ وزيراً في الظل، أو كنت الوزير غير المعلن!.. كيف كانت تهبّ على الوزارة رياح شهوة التغيير، أو ترك كلّ شيء للمدراء!.. أو الموازنة بين الواقع وبصمة الربان؟!.. المعنى: هل اضطربت، وبصراحة، ودون إشارة للعهد الوزاري الفلاني أو العلاني، خطة وزارة الثقافة في تحقيق أهدافها ومشروعاتها وتبيّن آثارها على المجتمع والناس والفئة المستهدفة بسبب من تباين نظرة الوزير أو أجندته أو أسلوبه في المعالجة؟!.. تحديداً هل كانت تنقطع الخطط بسبب تغير كل هؤلاء الوزراء؟!
ليس كثيراً، وفي حالات استثنائية!.. أنا محظوظ بأنني تعاملت في وزارة الثقافة مع وزراء نشيطين، وأصحاب اجتهادات جيدة، وربما كنت محظوظاً أكثر، لأنهم كانوا يحترمون إبداعي ويعتقدون أنني جزءٌ من الجسم الثقافي. وقد كنّا نتحاور، ولم نكن نختلف كثيراً، وتعلم أن الوزير في نهاية المطاف هو صاحب القرار الأول في الوزارة.
بالحوار والاقتناع كنا نحل كثيراً من المسائل التي تبدو عصيّةً على الحلّ أو لا حلّ لها. أنجزتُ بمعية الوزراء الذين رافقتهم كثيراً من طموحات كان يحتاجها الجسم الثقافي، ولا أذكر أن وزيراً عطّل مشروعي الثقافي، وربما كانت هنالك استثناءات لا تعدو اختلافاً في وجهات النظر، ولكن المشروع الثقافي منذ العام ألفين وستة كان مشروعاً طموحاً ومغايراً ومدروساً وواعياً، كنا نتفق جميعاً على النتائج الطيبة لسلسلة المشاريع الجديدة التي كنا نعوّل عليها نتائج، منها أن تخرج الوزارة في فعلها الثقافي من مخاطبة النخب الثقافة، نخب المثقفين من الأدباء والفنانين والأكاديميين، إلى شرائح المجتمع كافة، وقد استطعنا ذلك، وتوخينا العدالة في توزيع المكتسب الثقافي، وأعيد هنا ما ذكرته من أنّ مشروع مدينة الثقافة الأردنية نقل الفعل الثقافي من العاصمة إلى المحافظات والأقاليم البعيدة، فأخذ مثقفو هذه المناطق مجدهم وعبّروا عن ذواتهم وطبعوا كتبهم وقاموا بمشاريعهم وتعرفوا إلى آليات الفعل الثقافي واستدامة نتائجه. كما أن ربة البيت والأسرة وجيران الأسرة غير المعنيين ربما بالثقافة اقتنوا كتب مهرجان القراءة للجميع السنوي فتحققت مكتبة في كلّ بيت. ولاحظت بصفتك الإعلامية نفاد كتب مكتبة الأسرة خلال يوم أو يومين، ولم نقف عند ذلك، بل طبعنا لكل الشرائح، حتى فئة المكفوفين جعلناها تقرأ، حين طبعنا لها فنيّاً بطريقة (بريل).
كنتُ ووزراء الثقافة نتشارك ونتداول بروح الفريق الواحد قضايا ذات أفق رحب تتجه نحو المحيط المجتمعي، حتى نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، وهم أبناء في هذا الوطن حكمت ظروفهم أن يكونوا خلف القضبان، دربناهم على الرسم والأدب والموسيقا والمسرح في ورشات متخصصة، وأقمنا لهم معارض تشكيلية بالتعاون مع مديرية الأمن لعام ليشعروا بإنسانيتهم والثقة التي ربما كانت تضاءلت لديهم منذ أن دخلوا هذه المراكز. لا أنسى، ما حييت، في احتفال جرى في هذه المراكز، جملةً قالها نزيل، واعتذر فيها نيابةً عن زملائه للمجتمع عما اقترفوه، راجياً من المجتمع السماح بانضمامهم إليه.
الأمثلة كثيرة، وإذا أردتُ أن أذكر بعضاً منها، فإنني أجد أن ما نسبته 25% من مشروع مكتبة الأسرة يوجّه للطفل إنما هو نتيجة هذه المشورة الدائمة التي لا يستبد فيها الوزير برأيه ، مثلما لا نحرم أنفسنا فرصة النقاش مع الوزير. في هذا المجال أذكر أننا دعمنا المتحف المتنقل بالتعاون مع المتحف الوطني للفنون الجميلة، لندرب ونقيم معارض للفن التشكيلي في النائي والمحتاج من قرانا وبوادينا ليأخذ أبناؤنا المشروع الثقافي على محمل الجد، وأزيدك أننا بصدد إضافة أجهزة خاصة تعرض الأفلام إلى مكتبة الطفل المتنقلة، فنكون قد جمعنا الكتاب وأساليب التعليم والمسرح معاً في سبيل العناية بالطفل ورعايته على الصعيد الثقافي والتوعوي.
المشاريع كثيرة وتتضمن روح الفريق الواحد في النظر والاستشراف، خذ مثلاً مشروع التفرغ الإبداعي الذي يتيح للكاتب أو الفنان أن يتفرغ عاماً كاملاً فيبدع في ظل حالة من الاطمئنان المالي ونحن ندفع له راتباً طيلة الفترة يصل 1250 ديناراً، كلّ ذلك في سبيل حثّه على الإنجاز، مع أنك تعلم متوسط الرواتب لغير المتفرغين والبون الشاسع بينها وبين راتب المتفرغ الأديب أو الفنان أو المفكر.
خذ على سبيل المثال، أيضاً، مهرجانات: المسرح الأردني، والخالدية للشعر الشعبي والنبطي، ومهرجان السامر كذلك، ومهرجان أغنية الطفل، الذي كان توقف، لسوء الحظ، بسبب احتياجاتٍ معينة، وهانحن نسعى اليوم لاستعادة هذا المهرجان.
واقرأ معي معاني مهرجانات باركناها ونباركها، من مثل مهرجان(القمح والزيتون) في إربد، ومهرجان(البرتقال) في الأغوار، والمهرجان الذي ينبثق قريباً في معان عن مشروعات مدينة الثقافة فيها تحت مسمى(مهرجان النخيل)، والمهرجان الذي سنقرّه في الشوبك تحت مسمى(مهرجان التفاح)، وأرجو أن تلاحظ السعي المؤسسي التشاوري في الوزارة لربط المنتج الزراعي بالثقافي في هذه المهرجانات وإيقاظ الذاكرة الشعبية، ودفع الناس ليؤمنوا أن الثقافة إنما هي منتج لا لعباً بالكلمات أو ترفاً. نريد أن تتعود البلدات والمدن الأردنية أن تعكس ثقافتها المحلية ومنتجها الزراعي والثقافي الفلكلوري فنجمع بين العقل والوجدان، ونشيع ثقافة الفرح بعيداً عن التوتر والتشنج والمناخ السلبي، باتجاه النظرة الفرحة المستبشرة بالثقافة الإيجابية كما يليق بهذا الوطن، قلب الشرق القديم.
•أصوات معينة تقول إنّ وزارة الثقافة ما تزال وئيدة الخطى، في حين أن الوسط الثقافي يسبقها بكثير، والمقصود أن المسافة شاسعة، أو بعيدة على أقل تقدير، بينها وبين المشروع الإبداعي الذي لم تلحق بتسارعه أو تقرأ متطلباته!.. ماذا ترى؟!
أنا أعترف أن في بعض ما تقوله صحة، لأنني ببساطة لو أردت أن أضع طاقيتي الأخرى شاعراً أو مبدعاً فسأنضم إلى هذه الأصوات في جزئية مما تقول، وسأشرح ذلك: أولاً الوزارة لا تنتج إبداعاً، وليس المطلوب منها أن تصنع شاعراً على سبيل المثال، أو فناناً، لماذا؟!..لأنّ المبدع تحديداً هو روح غجرية..حرّة..تنشأ وحيدةً، بل تظهر هكذا!..بريّة!.. فكل وزارات العالم وجامعاته وأكاديمياته لا تصنع مبدعين من مثل بيكاسو أو لوركا أو أرغون أو ت.إس. أليوت أو محمود درويش!
الوزارة هي مظلّة أو بيت من أجل الإبداع؛ تثير مناخاً إيجابياً لحالته. في مهرجاناتنا، وحتى في مهرجان جرش، لم أكن أنظر في قصيدة شاعر قبل أن يلقيها، كما لم أكن أملي عليه وجهة النظر الخاصة بالمهرجان أو موضوعه!.. ولم أوجّه مسرحياً أو كاتباً لأن يستوحي ما نريد، وما ذاك إلا لأننا نؤمن بالإبداع فعل حريّة، فإن لم يكن هكذا فلا يستحق أصلاً أن ينتمي إلى عالم الإبداع.
لذلك، فإن كانت الوزارة تسبق المبدعين في خطاها فهذه مصيبة، وأيّ مصيبة!.. الأصل أنّ المبدع هو من يسبق الوزارات والأكاديميات، بل يسبق كلّ الناس.. المبدع قائد!.. هذا مهم، وعلينا أن نتفق عليه، فنقول إنّ الوزارة في لحاقها بالمبدع تؤشر على حالة موضوعيّة.
لكن، أن يشار، أيضاً، إلى أن الوزارة لم تحقق شيئاً، فهذا ظلم كبير!.. ستكون شهادتي مجروحة إذا نقلت لك ما يقوله زملائي في وزارات الثقافة العربية، وأنت صحفي وشاهد على ذلك، وكنتُ ضربت لك مصر في اقتباسها من وزارتنا مشروع المدن الثقافية، ولن أبالغ حين أصف لك انبهار الضيوف والمثقفين العرب من وزراء ومثقفين وفنانين بمشروعاتنا الكبيرة التي تنفذها الوزارة!.. لكنّ هذا ليس طموحنا!.. نحتاج مخصصات مالية، نريد للمثقف والفنان أن يحيا حياة طيبة ويلقي عن كاهله همّ مغالبة الحياة مالياً، وهنا فإنّ الحكومة ليست هي المعنية فقط بهذا الفعل، أعني الثقافي، إذ يحمله، ويجب أن يحمله معنا، القطاع الخاص، ولكن مايزال دور هذا القطاع، وللأسف، ليس كما يجب، فأنا أحتفل وأحتفي بصفتيّ الإدارية والمبدعة حين تتقدم إحدى المؤسسات الاقتصادية داعمةً للمشروع الثقافي، أنا أحيي وأرفع قبعتي لأمانة عمان ولمؤسسة عبد الحميد شومان وللبنك الأهلي، ولغيرهم ممن آمن بقيمة العمل الثقافي والمسؤولية الاجتماعية لرأس المال، وهو ما يجعلنا نفرح نظرياً بهذا، ونستذكر أحد بنوك مصر الذي كان دعم أم كلثوم واستثمر فيها إبداعها حتى طبقت شهرتها الآفاق، لذلك، فمع المسؤولية الكلية للوطن تجاه مبدعيه وتنميته الثقافية، فإنّني أقول إن معظم الفنانين كان نشأ،أيضاً، برعاية مؤسسات خاصة وكرماء يباركون الإبداع، ولعلك تذكر أن كثيراً من مشاهير الموسيقا في العالم كان احتضنهم بلاط الأمراء.
• كيف تستمدون معلوماتكم عن الوسط الثقافي بحثياً؟!.. هل لديكم مركز دراسات داخل الوزارة أم تتعاونون مع جهة معينة؟!
لدينا مديرية تكنولوجيا المعلومات، وقد قامت بدراسات إحصائية، وأنجزنا معجماً موسوعياً للكتاب الأردنيين، وآخر للتشكيليين، ونسعى لاستكمال معاجم موسوعية للموسيقيين والحرفيين وكل القطاعات الثقافية، فلدينا بنية تحتية تدلنا على قطاعات الفن والأدب. ولكن، دعني أعترف لك بأننا ما نزال مقصرين في هذا الاتجاه، فهو عمل شاق، ويحتاج احترافيةً عالية، ونحن نتعاون مع مؤسسات أخرى منها دائرة الإحصاءات العامة. ولأننا مهتمون بالمواكبة ودراسة القطاعات الثقافية التي تحتاج اشتغالاً، فقد شكلنا مؤخراً مديريةً خاصةً بالتراث الشفوي، فبلدنا مع غناه بالتراث المادي في أوابده ومدنه التاريخية، إلا أنّ صدور الحفظة فيه تحمل كنوزاً من التراث المروي الدفين، الذي قامت له المديرية بالتبويب والتسجيل والإعادة والأرشفة، وهي مديرية دؤوبة أرشفت ما لا يقل عن 1000 شريط مسجل، وشاركنا في مؤتمر بباريس في سياق هذا الموضوع، كما وقعنا اتفاقيات دولية بهذا الخصوص، ونشجع هيئات المجتمع المدني على المبادرة لتسجيل هذا التراث الذي نحفظ به ذاكرتنا الوطنية.
•ما دمنا نتحدث عن مشروعات الوزارة، هل هنالك نيّة للتخفف أو التخلي عن مشروعات معينة بسبب انقضاء وقتها أو زيادة كلفتها أو عدم جدواها أو عدم ملائمتها مجتمعها.. ينسحب هذا على مديريات في الوزارة يمكن أن تدمج لتشابه ظروف اشتغالها أو مخرجات عملها؟
أنا وزملائي بصدد وضع خطة جديدة تشتمل على حزمة من المشاريع الناجحة المستمرة، ومشاريع ربما إضافية لثلاث سنوات مقبلة، باختصار نحن بصدد إعادة الرشاقة إلى هذه الوزارة ومشروعاتها، ولا أكتمك بأنّ أحد المشاريع التي كنتُ متحمساً لها قد تعثر قليلاً، وهو مشروع ترجمة الأدب الأردني إلى اللغات الحيّة، فقد قمنا بعمل موسوعي كبير ومهم ترجم 40 قاصاً أردنياً ونماذج من أقاصيصهم، وأنجز هذا العمل بشكل احترافي أشرف عليه محررون يعملون في كبريات دور النشر العالمية، كما طبع في دار نشر عالمية وبمعايير عالية الفنيّة، أيضاً، وهو يُعرض الآن في مكتبات مرموقة على مستوى العالم، وهو عمل أستطيع القول إنني أفتخر به. لكن، عندما قسنا المدة الزمنية والجهد والتكلفة هالنا أن المشروع سيكون مكلفاً جداً ويحتاج جهوداً أكبر من طاقة وزارة الثقافة إن نحن أردنا ذلك بالمواصفات العالمية ذاتها.
نحن كنا ترجمنا لعرار، واليوم ترجم أحد الأساتذة الباحثين في السوربون رواية(أنت منذ اليوم) لتيسير السبول، إلى الفرنسية، ولكن، ليس بالمواصفات العالمية!.. نحن لا نريد أن نترجم أعمالنا لأنفسنا، نريد أن نترجمها للعالم. لذلك، ربما نعيد النظر في هذا المشروع.
•كيف ترى الدمج المرتقب بين الوزارة والمجلس الأعلى للشباب؟!.. مالياً ووظيفياً؟!.. أيهما يذوب في الآخر أو يكون عبئاً عليه؟!
لا أستطيع أن أجيبك مبكراً؛ لكنّ قرار الدمج اتُّخذ، واجتمعتُ ورئيس المجلس الأعلى للشباب بفريق من الوزارة والمجلس، فنظرنا في كتاب مجلس الوزراء الخاص بدمج المؤسستين معاً وشكلنا اللجان الخاصة لهذا الدمج.
لا أخفي عليك بأنني تحدثت عن بعض المحاذير لهذا الدمج، مبكراً، لكننا عندما درسنا المشروع بشكله المتكامل اتضح أن الإيجابيات فيه أكثر من السلبيات، خصوصاً وأننا نخاطب الشرائح الاجتماعية ذاتها، ونحن حينما نتحدث عن التنمية الثقافية نتحدث في الأعم الأغلب عن شريحة طلاب المدارس والجامعات، وهؤلاء ليسوا غير فئة الشباب، واهتمامنا بهذه الفئة لا ينفي كما تعلم تنوع شرائح المجتمع الذي نخاطبه.
فأعتقد أنّ الدمج سينتج عنه عمل متكامل: هؤلاء الشباب منخرطون في أندية رياضية واجتماعية، وعدا ذلك هم منخرطون في منتديات ثقافية لدينا أيضاً- لدى الوزارة- وأنا عندي طموح حين يتم الدمج بأسسه الصحيحة أن يتشكل جسمان أو جناحان نحلق بهما تحليقاً عالياً، ويكون إيقاع ذلك على مستوى الوطن. فالوزارة ستستفيد من البنية التحتية المحترمة التي يوفرها المجلس الأعلى للشباب في بيوتات الشباب في المحافظات، عندها ستتوفر لدينا قوى متحركة.. جيش!.. إذا استطاعت وزارة الثقافة أن تبث في عروقه التنمية الثقافية والوعي الحضاري فإنّ خبرتها كلها تضعها في خدمته. أرجو أن تتصور المشهد: المجلس الأعلى للشباب ينمّي العمل التطوعي لدى هؤلاء الشباب ويحفزهم على المواطنة والانتماء بمعسكراته المستمرة، ووزارة الثقافة تسلّح هذا الجيش بالثقافة والفكر والحوار والتفكير الحر، فنكون أمام جسم شبابي معياري يسهم إسهاماً عالياً في البناء.
•الحرص على المال العام.. وبسط اليد في تنفيذ الرؤية!.. أليست معادلة صعبة؟!.. خصوصاً وأنكم يُنظر إليكم شديدي الحرص، بل متأنين جداً، في المفاضلة؟!
معادلة صعبة جداً!.. ساكون صريحاً معك: أنا شاعر ومبدع، وأعلم أنّ المثقف دائماً ما ينفر من العمل الحسابي الدقيق الذي له علاقة بالكُلف المالية!.. هو يريد أن يبدع بروحه البوهيمية الحرّة الخارجة على المألوف من القوانين. ربما كنتُ محظوظاً حين دربت نفسي على أن أكون في هذا الجانب الحر الغجري في الإبداع، وأن أكون في الجانب الآخر الإداريّ الدقيق! وكثيراً ما يسألونني: كيف تستطيع أن تكون شاعراً، فتكتب بهذا القلق وهذا الألق، ربما كما يقولون، وفي الوقت ذاته نراك إدارياً حصيفاً دقيق النظر؟!.. في إدارتي لمهرجان جرش كنت أضع ميزانيته النظرية التي تتوافق مع ميزانيته التطبيقية باختلافات بسيطة!.. هكذا، باختصار دربت نفسي.
المبدع ليس له خبرة في المال، ولذلك نحن حريصون!.. حريصون على المبدع لنطوره في هذا الجانب: في أوروبا وأميركا الكاتب أو الفنان هو مؤسسة بحد ذاته، له مدير أعمال وسكرتاريا وملفات ويدفع الضريبة والأقساط، وهو حصيف ينظر في ملفاته المالية كما يتأمل إبداعه! نريد للمثقف الأردني أن يكون هكذا.. أن يكون رديفاً للمنتج الاقتصادي، لا أن يظلّ ترفاً، نريده في القريب أو البعيد من الأيام أن يدر دخلاً على الخزينة؛ أن يرشح من دخله للوطن، وأرجو أن تعاين معي اقتصاديات هوليوود التي فيها أن الفيلم السينمائي إن عرض في اليابان أو في الصين أو في باريس فإن جزءاً من الدخل المتوفر يرشح لحسابات الدخل القومي الأميركي!.. يمكنني أن أقول إنني سعيد بازدهار صناعة الكتاب في الأردن، حيث دور النشر الأردنية تستقطب كتاباً عرباً لينشروا من خلالها، قس على ذلك العمل المسرحي الأردني الذي إن عرض في لبنان أو مصر أو سوريا أو المغرب فإن جزءاً منه يتولد لصالح الدخل القومي الأردني، وهنا فنحن أمام استثمار حقيقي في ما يعرف باقتصاديات الثقافة.
•هل انتشر خطاب الوزراة الإعلامي كما ينبغي له أن ينتشر؟!.. وأنت إعلامي وممنهج وصاحب رؤية في هذا المجال؟!
عندما جلسنا مع وزير الثقافة السابق طارق مصاروة وعرّفناه على مشاريع الوزارة عقد مؤتمراً صحفياً وقال إنه الآن وهو داخل الوزارة يشعر بأنها مظلومة، فلم يكن يعرف أنها تقوم بكل ذلك الجهد والمتابعة!.. كما قال.
أقول إننا قد نكون مقصرين إعلامياً، ولكننا في المقابل لا نريد أن نخلق أبواقاً دعائيةً لنا، وأنا أعتقد أنّ هذا هو واجب الإعلام في أن يتلمس مشاريعنا ويقترح وينتقد، ونحن في الواقع لا نبادر بالترويج لأنفسنا، باختصار لأننا لسنا جهةً ربحيةً نسوّق المنتج، بل نقدّم الخدمة الثقافية للوطن مجاناً بعدالة، في كل الوطن.
•مشروع المدن الثقافية هل يستمر، أم يحتجب عن مدينة لم تستوف شروط مدينة الثقافة الأردنية؟!
المشروع مستمر، وهذا العام اختيرت معان مدينة ثقافة، وفي العام المقبل ستجرى القرعة بين مدينتي مأدبا وعجلون تباعاً مدينتي ثقافة 2012، 2013. يمكن في المستقبل، حين تنتهي الوجبة الأولى من المدن الرئيسة في المملكة أن نتجه لمدن أقل مقومات، كالرمثا، الفحيص، على سبيل المثال، وربما نعيد تأهيل المشروع من جديد ليتناسب مع هذه المدن أو البلدات الأردنية.
•أُلغيت مديريات وزارة الثقافة في المحافظات ذات رغبة بالتغيير، حتى وزارة الثقافة، أيضاً، لم تسلم ذات جنون حكومي من الإلغاء؛ فعادت شتيتاً من التربويين والمثقفين وبعض المبدعين. ماذا عن نمطية عمل مديريات الثقافة الأشبه بالأوجاقات العثمانية أو الثغور التي ينتهي احتفالها الثقافي بمجرد عودة الوزير أو المسؤول من الزيارة؟!
نحن سعداء بمديريات الثقافة التي عادت وتمارس دورها التثقيفي في المحافظات، كما تقوم بدور جيد في التواصل مع هيئات المجتمع المدني الثقافية ومبدعي ومثقفي هذه المحافظات. تسأل عن نمطيتها؟!.. أعتقد أنها كذلك، بمعنى أن الحراك الثقافي في الوزارة ما يزال مغايراً، لكننا نقوم بتدريب إداراتها بورشات مستمرة، مع أن بعض هذه المديريات خرج على النمطية وحقق إنجازاً، ولا أود التمثل بمديرية دون الأخرى من أجل أن ذلك قد يثير الفتور، مع أنه في العرف الإداري، أيضاً، يخلق التنافس على هذا الحراك المنشود.
•أعدتم دارة الشهيد وصفي التل لأمانة عمان، وتقومون على الاشتغال على متحف الحياة السياسية في وثائقه ومتطلبات نجاحه،.. ضعنا بالصورة.
عودة دارة الشهيد لأمانة عمان كانت بسبب متطلبات الترميم المستمرة التي قد لا تتوفر لها المخصصات الكافية في الوزارة، مع مقدرة الأمانة على ذلك. أما المتاحف، فهي في المملكة عموماً ليست ذات مظلة واحدة، قد تجد متاحف تتبع دائرة الآثار في وزراة السياحة، وأخرى مرجعيتها الأمانة، بالإضافة لما يتبع منها لوزارة الثقافة.
وضعنا دراسة توخينا منها أن يكون كلّ هذه المتاحف تحت إدارة واحدة. وأعترف لك بأننا مؤسسات وزواراً للمتاحف ومهتمين في الأردن لسنا على دراية وافية أو خبرة أو وعي بالسلوك المتحفي. أعترف بذلك؛ فعندما تزور متحفاً في الخارج يمنعك القائمون عليه حتى من إضاءة الكاميرا أو أن تقترب فتلمس مقتنيات هذه المتاحف. نحن شعباً وإدارةً ثقافية لسنا على معرفة تامة بهذه الخبرة المتحفية، ونحتاج كثيراً من التدريب في ذلك، وقد وضعت خطةً لتدريب متحفيين في الخارج بالإضافة لخطة تنويرية تثقيفية للناس بهذا الشأن. يحتاج الناس أن يدركوا أهمية المُقتنى العسكري، أو العربة التي سارت بجثمان الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، أو بدلة الشهيد وصفي التل العسكرية، أو وثائق الدولة حين تأسيس الإمارة.
•يمكن لدائرة المكتبة الوطنية أن تدلي بدلوها في هذا المجال. هل من جديد يخص الوثيقة الأردنية؟..، خصوصاً بعد مشروع الذخيرة الذي لاقي قبولاً مثقفاً وأكاديمياً وما يزال موضع ترحيب.
المكتبة الوطنية تقوم بجهد كبير في جمع وأرشفة الوثائق ذات العلاقة بالمملكة، وأود هنا أن أشير إلى أننا في القريب من الأيام سنعلن أسبوع أو شهر الوثيقة الأردنية، وسنضع لذلك إعلانات في الصحف ووسائل الإعلام من أجل تشجيع المجتمع أفراداً ومؤسسات وصحفاً ومراكز معنية لتزويدنا بهذه الوثائق، لكي نقوم بتصويرها تصويراً فنياً عالياً ثم نعيد الوثائق لأصحابها، وربما يعود هؤلاء بصورة عن وثائقهم عالية الجودة يحتفظون بها، بل ربما نعلن جوائز لأفضل وثيقة،.. وهكذا. وكل ذلك يصدر عن رؤية للوزارة تتعاون فيها مع دائرة المكتبة الوطنية وتحفظ بها الذاكرة وترسخ عن طريقها الهوية. وما ذلك إلا انعكاس للمؤسسية التي تداولناها مفهوماً وإجراءً في هذا الحوار.
•ألستَ معي في أنّ التغييرات أو التعديلات الحكومية أو انتهاء عمر حكوماتنا يمكن أن تذبح رؤية هذا الوزير أو ذاك، أو خطته الاستراتيجية التي يعمل لها ويشتغل عليها؟!
هذا مطروح بالطبع!.. ولكن في النهاية هذه سياسات عامة!... ولكننا، أيضاً، نستطيع تفادي ذلك بالمؤسسية التي أشرت إليها، وأنا بصدد وضع خطة ثقافية استراتيجية بمشاركة الجسم الثقافي الأردني خلال ورشة تسهم فيها المؤسسات الثقافية عندنا. هذه الخطة التي سوف نعلنها هي لثلاث سنوات قادمة، ويستطيع أي وزير قادم أن يسير على هدي منها، أو يضيف إليها.